أعلنت السلطات مؤخراً عن اعتماد جهاز جديد لقياس السرعة القصوى للدراجات النارية، في خطوة تهدف إلى ضبط الدراجات المعدلة التي تتجاوز 58 كيلومتراً في الساعة. ورغم أن الهدف المعلن هو تعزيز السلامة الطرقية، إلا أن العديد من المتتبعين اعتبروا الإجراء مجرد حل ترقيعي لا يعالج أصل المشكل.
فالواقع يُظهر أن ظاهرة الدراجات المعدلة مرتبطة أساساً بغياب بدائل عملية للشباب، سواء من حيث النقل الحضري أو من حيث الفضاءات المخصصة لممارسة هواياتهم بشكل قانوني وآمن. بدل معالجة هذه الأسباب العميقة، يتم التركيز على الرقابة الأمنية وحدها، وكأن السرعة في حد ذاتها هي المشكل، بينما الحقيقة أن هناك أزمة أكبر تتعلق بالفوضى في الاستيراد، وغياب معايير واضحة لمراقبة الأسواق، وضعف التكوين والتحسيس.
الأكثر من ذلك، أن هناك دُراجات تُباع من الشركة أو الوكيل مباشرة، بمحركات أصلية لا تتجاوز سعة 49 سنتمتر مكعب، ومع ذلك تصل سرعتها إلى 70 أو حتى 80 كيلومتراً في الساعة، أي أنها تتجاوز السقف القانوني دون أي تعديل من المستعمل. فكيف يمكن اتهام السائق وحده بالتلاعب، بينما الدراجات تُطرح في السوق أصلاً بسرعات تفوق ما تسمح به القوانين؟
ثم إن تحديد السرعة القصوى في 58 كلم/س فقط يطرح أكثر من علامة استفهام:
-
هل هذا الرقم واقعي بالنظر إلى البنية التحتية للطرقات؟
-
وهل يمكن لمستعمل دراجته يومياً للتنقل أن يلتزم به في شوارع تشهد تدفقات سير كبيرة؟
النقد الأبرز هنا هو أن مثل هذه القرارات غالباً ما تكون شعاراتية أكثر منها عملية، تُسوّق للرأي العام على أنها إصلاح، لكنها في الميدان لا تغيّر الكثير. ما يحتاجه المغرب اليوم ليس أجهزة إضافية، بل سياسة متكاملة للنقل والطرقات، تتضمن مراقبة السوق، فرض الجودة على المستوردين، وضبط معايير السرعة عند الاستيراد قبل أن تُباع الدراجات للمواطن.
باختصار، جهاز قياس السرعة قد يضبط بعض المخالفين، لكنه لن يحل المعضلة. بل قد يتحول إلى مجرد وسيلة جديدة لتحرير محاضر المخالفات، في حين يظل الخطر الحقيقي قائماً: فوضى السوق وغياب بدائل حقيقية للشباب.
إرسال تعليق