ع. عسول
في إطار مساهمتها في إغناء النقاش العمومي حول التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب، وإدراكًا منها لأهمية المرحلة الراهنة التي تتقاطع فيها أسئلة السياسة والشباب والمستقبل، تنظم مؤسسة الفقيه التطواني مائدة مستديرة تحت عنوان: “السياسة بصيغة الشباب” وذلك مساء يوم الخميس 30 أكتوبر بمشاركة اكادميين واعلاميين وشباب .
ويأتي هذا اللقاء في لحظة فارقة تعيد فيها المملكة المغربية النظر في قواعد الفعل السياسي والتمثيلي، من خلال مشروع قانون تنظيمي جديد لمجلس النواب، يفتح الباب أمام جيل من الشباب دون الخامسة والثلاثين لخوض غمار الانتخابات دون انتماء حزبي، مع تحفيزات مالية معتبرة تغطي إلى حدود 75 في المائة من مصاريف الحملة الانتخابية. وهي خطوة تحمل دلالات رمزية عميقة، إذ تمثل انتقالًا من منطق المشاركة الشكلية إلى منطق الشراكة الفعلية في صناعة القرار العمومي، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والسياسة، وبين الأجيال ومؤسسات التمثيل.
وتندرج هذه المبادرة في سياق وطني مطبوع بعودة لافتة للوعي الشبابي المتحرك، وبروز أشكال جديدة من التعبير السياسي والاجتماعي، قادها جيل “زد” الذي فرض على الفاعلين العموميين والأكاديميين والإعلاميين معًا، إعادة التفكير في العلاقة بين الشباب والسياسة، وفي أشكال الانخراط والمشاركة خارج الوسائط التقليدية والأطر الحزبية المعهودة.
إن النقاش الذي تفتحه مؤسسة الفقيه التطواني من خلال هذه المائدة يتوخى قراءة جماعية للعلاقة الجديدة بين الدولة والشباب على أساس من الثقة المتبادلة والمسؤولية المشتركة، في أفق تعاقد وطني يقوم على الإصغاء والاعتراف والمشاركة. فالتحدي اليوم لا يكمن في فتح الأبواب أمام الشباب فحسب، بل في ابتكار لغة جديدة للسياسة تجعلها أكثر قربًا من أسئلة الجيل الرقمي، وأكثر التصاقًا بالواقع المتحوّل وبطموحات المستقبل.
وتطرح هذه التحولات سؤالًا جريئًا حول مآلات السياسة نفسها في زمن ما بعد التنظيم، حيث تتراجع الوسائط الحزبية والنقابية التقليدية أمام دينامية رقمية تتغذى من الفضاءات المفتوحة والتعبيرات الفورية. فهل نحن أمام جيل خارج السياسة، أم أمام سياسة جديدة تنبتق خارج الأشكال القديمة؟ وهل يمكن تخيّل ديمقراطية تتجاوز الوساطة نحو التأثير المباشر، التفاعل السريع، والتعبئة الرمزية؟
من هنا، تبرز أهمية التفكير في تحويل الغضب الرقمي والاحتجاج الافتراضي إلى طاقة اقتراحية تساهم في بناء القرار العمومي بدل الاكتفاء بردود الفعل، وفي اعتبار السياسة فعلًا من أفعال الإبداع الجماعي، يربط بين الفكرة والممارسة، وبين الحلم والواقع، ويعيد للسياسة معناها الإنساني النبيل بوصفها فنًّا في إنتاج الأمل وتنظيم المعنى.
بهذه الرؤية، تسعى مؤسسة الفقيه التطواني إلى جعل “السياسة بصيغة الشباب” فضاءً حيًّا للحوار بين الجامعة والمجتمع، وبين الفكر والواقع، في لحظة وطنية تتطلب من الجميع إعادة اكتشاف السياسة، لا بوصفها سلطة، بل بوصفها شراكة في بناء المستقبل.
يساهم في المائدة المستديرة كل من الأساتذة الجامعيين، رقية أشمال، ميلود بلقاضي، عبدالحميد بنخطاب، سلوى الزرهوني، والطلبة الجامعيين الشباب، مراد بومسيس، زينب الكردي،هند الفرجالي،نسرين درمان، ويسير اللقاء كل من رئيس المؤسسة بوبكر التطواني والاعلامي عبد الحق بلشكر.

إرسال تعليق