شريط

 

لم تعد أزمة الصحة في المغرب مجرد حكاية مرتبطة بمستشفى هنا أو هناك، بل تحولت إلى قضية وطنية تُؤرق الرأي العام. فبين غياب الثقة في المستشفيات العمومية وتدهور الخدمات، يرى المواطنون أن القرارات الحكومية الأخيرة لا تتجاوز محاولات لامتصاص الغضب الشعبي، دون تقديم حلول جذرية.

غضب يتصاعد

أصوات كثيرة ارتفعت مؤخراً للتنديد بما وصفوه بـ"المأساة الصحية"، معتبرين أن إعفاء مدير أو زيارة وزير لن يغير واقعاً مترسخاً منذ عقود. الأزمة – في نظرهم – تتطلب إصلاحاً شاملاً قائماً على المحاسبة والشفافية، لا مجرد قرارات ظرفية.

تصريح ساخر.. يلخص المفارقة

وسط هذا الغضب، أعاد المتتبعون تذكير الرأي العام بتصريح الداعية رضوان بن عبد السلام، الذي قال بمرارة ساخرة:

"نحن في كرة القدم في المرتبة 12، وفي الصحة في المرتبة 94 من أصل 99 دولة.. الحكاية بدات فميكسيكو آهو آهو آهو، تورخناها في المرتبة 94 آها آها آها".

كلمات تختصر المفارقة بين نجاحات رياضية تُثير الفخر، وفشل صحي يضع المواطنين في مواجهة المعاناة اليومية.

الكلينيك والريع.. أصل الداء

يعتبر كثيرون أن جوهر المشكل يكمن في تضارب المصالح بين المستشفيات العمومية والعيادات الخاصة. فنجاح الأولى يعني – حسب قول أحد المواطنين – "إفلاس الثانية"، وهو ما يفسر، في نظرهم، ضعف الاهتمام بتقوية القطاع العمومي.

أزمة فساد وثقة

من جهة أخرى، يشير متتبعون إلى أن الأموال المخصصة سنوياً لقطاع الصحة لا تُترجم على أرض الواقع بسبب غياب المراقبة، واقتناء معدات رديئة، ومنح صفقات لشركات غير مؤهلة. وهنا يبرز حديث عن عقلية فاسدة تعرقل أي محاولة إصلاحية.

إصلاح جذري.. الطريق إلى الأمام

يرى خبراء ومواطنون على حد سواء أن تجاوز هذه الأزمة يقتضي إصلاحاً شاملاً يقوم على:

  • محاربة تضارب المصالح بين القطاع العام والخاص، وضمان التفرغ التام للأطباء العاملين في المستشفيات العمومية.

  • تعزيز الشفافية والرقابة عبر رقمنة تدبير الصفقات والمشتريات.

  • تجهيز المستشفيات العمومية بمعدات ذات جودة عالية تخضع لمعايير أوروبية.

  • إعادة الاعتبار للموارد البشرية بتحسين ظروف عمل الأطباء والممرضين وتشجيعهم على البقاء في القطاع العمومي.

  • إطلاق حملات محاسبة حقيقية تضع حداً للريع والفساد المستشري.

أزمة دولة وليست قطاعاً

في النهاية، يتفق الرأي العام على أن أزمة الصحة ليست مجرد مشكل قطاعي، بل انعكاس لأزمة دولة اجتماعية تعجز عن ضمان أبسط الحقوق لمواطنيها. أزمة لا يمكن تغطيتها بقرارات شكلية أو شعارات مرحلية، بل تحتاج إلى ثورة إصلاحية تُعيد الثقة للمغاربة وتضع حياة المواطن فوق كل اعتبار.

Post a Comment

أحدث أقدم