في مشهد مؤلم يهزّ الضمير الإنساني قبل أن يجرح المشاعر، شهدت مقبرة سيدي بلعباس بمقاطعة بطانة بمدينة سلا واقعة دفن ميت في ممرّ ضيّق بين قبرين، في مشهد يختصر حجم الأزمة التي تعيشها المدينة في تدبير فضاءات دفن موتاها. مشهد يثير الغضب والحسرة في آنٍ واحد، ويطرح سؤال الكرامة والاحترام في مدينة تعدّ من أكبر المدن المغربية.
رغم المجهودات التي تبذلها جمعية تدبير مقابر سلا وبعض المحسنين، إلا أن الواقع اليوم يكشف أزمة صامتة تتفاقم بصمت تحت التراب. فالمقابر باتت تختنق بعدم قدرتها على استيعاب مزيد من الجثامين، وسط غياب رؤية استراتيجية من الجماعة الحضرية والجهات الوصية لإيجاد حلول جذرية تليق بمدينة يفوق عدد سكانها المليون نسمة.
أصوات المواطنين والفاعلين الجمعويين تعالت مطالبة بضرورة احترام حرمة الموتى وكرامة الأحياء على حد سواء، من خلال وضع حدّ لممارسات الدفن العشوائي، وتوفير فضاءات جديدة للدفن تراعي المعايير الشرعية والاجتماعية. فدفن الموتى بين الممرات ليس مجرد خطأ إداري، بل إهانة رمزية لكرامة الإنسان حتى بعد موته.
ويؤكد متتبعون أن جماعة سلا مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتخصيص ميزانيات استثنائية لاقتناء أراضٍ جديدة وتسييج المقابر وتأهيل مداخلها، حتى لا تتحول أماكن الراحة الأبدية إلى فضاءات للفوضى والازدحام.
إن كرامة الميت ليست ترفًا ولا تفصيلاً بسيطًا، بل مرآة لقيمة المجتمع واحترامه لإنسانيته. وما وقع في مقبرة سيدي بلعباس ناقوس خطرٍ يستدعي التحرك العاجل قبل أن تصبح المقابر، بدل أن تكون موطن طمأنينة، شاهدًا على تراجع القيم والمسؤولية.
.jpeg)
إرسال تعليق