يمثل إطلاق بطاقة التخفيض الخاصة بالتنقل عبر القطارات لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، خلال اللقاء الرسمي الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالولجة بسلا، خطوة إيجابية تعكس التزام الدولة بتعزيز حقوق الولوج وتخفيف الأعباء المادية على هذه الفئة. المبادرة، التي جاءت بشراكة بين كتابة الدولة المكلفة بالإدماج الاجتماعي والمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، تُعد مكسباً اجتماعياً مهماً، لما توفره من تسهيلات في التنقل تفتح آفاقاً أوسع للدراسة والعمل والعلاج والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
غير أنّ هذا الإنجاز، رغم أهميته، يثير أسئلة نقدية حول محدودية المقاربة المعتمدة في تدبير ملفات الإعاقة، خاصة في ظل غياب واضح لإشراك فعّاليات المجتمع المدني في مختلف مراحل الإعداد والتنفيذ. وقد استنكر منير ميسور، رئيس الجامعة الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين بالمغرب، عدم إشراك المجتمع المدني في هذه البادرة، وذلك عبر منشور نشره على حسابه الشخصي، كما جدّد موقفه في تصريح صحفي أكد فيه أن تغييب الفاعلين الميدانيين عن مثل هذه المبادرات يقلل من أثرها ويُضعف فعاليتها على أرض الواقع.
وترى الجامعة أن المجتمع المدني يظل الفاعل الأقرب إلى الفئات المستهدفة، وصاحِب الخبرة الميدانية القادرة على ربط السياسات بالواقع اليومي للأشخاص في وضعية إعاقة. وهو ما يجعل إبعاده أو تهميش دوره مؤشراً على استمرار اتخاذ القرارات في إطار ضيق يفتقر إلى التشاركية والإنصات. وتبرز الجامعة أن البرامج المرتبطة بالإعاقة لن تحقق آثاراً ملموسة ما لم تعتمد على الحوار والتشاور وصنع القرار المشترك، بما يضمن حكامة أفضل ويعزز فعالية المشاريع الاجتماعية.
وفي الوقت الذي تثمن فيه الجامعة هذا الإنجاز الوطني وتُشيد بالجهود المشتركة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ووزارة النقل واللوجستيك و(ONCF)، إلا أنها تشدد على أن تحسين جودة الحياة للأشخاص في وضعية إعاقة يتطلب أكثر من إطلاق بطاقات أو مبادرات مناسباتية؛ إنه يتطلب رؤية شمولية، وإرادة سياسية لتجسيد مبادئ المساواة، والأهم—إدماج المجتمع المدني كشريك أساسي لا كعنصر تكميلي.
وبينما يبقى إطلاق بطاقة التخفيض خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن الطريق نحو إدماج فعلي وشامل ما يزال طويلاً. وتشدد الجامعة على استعدادها الثابت للانخراط في كل الأوراش الوطنية، لكنها تؤكد أن نجاح هذه الأوراش لن يتحقق إلا بفتح الأبواب أمام مشاركة حقيقية وشفافة تضمن عدالة أكبر وجودة أفضل في الخدمات.
إرسال تعليق