علمت مصادر مطلعة أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، برئاسة فوزي لقجع، قررت سحب ملف الإنتاج التلفزيوني لبطولة كأس إفريقيا للأمم “الكان”، التي يحتضنها المغرب وتنطلق فعالياتها في غضون أيام، من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، عقب توصلها بتقرير تقني أنجزه خبير دولي، خلص إلى أن معدات البث المتوفرة لدى SNRT لا تستجيب للمعايير الدولية المعتمدة في نقل التظاهرات الكروية الكبرى.
وحسب مصدر موثوق، فإن التقرير الذي وُضع على طاولة الجامعة جاء صادمًا، حيث أكد أن جزءًا كبيرًا من التجهيزات التقنية غير صالح لنقل مباريات بحجم كأس إفريقيا، ولا يرقى حتى إلى الحد الأدنى من شروط البث الرياضي الاحترافي، ما دفع الجامعة إلى اتخاذ قرار عاجل تفاديًا لأي إخفاق قد يسيء إلى صورة المغرب قبل انطلاق البطولة القارية.
وأوضح المصدر ذاته أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم دخلت في سباق مع الزمن من أجل اقتناء معدات بث جديدة، والتنسيق مع شركات دولية متخصصة في الإنتاج التلفزيوني، قصد ضمان إخراج تقني يليق بحجم الحدث، خاصة في ظل الرهانات التنظيمية الكبيرة التي تراهن عليها المملكة، باعتبار هذه النسخة مرشحة لتكون الأضخم في تاريخ كأس إفريقيا للأمم.
وأشار المصدر إلى أن غضب فوزي لقجع تضاعف بعد أن كشف التقرير أن بعض المعدات التي قُدمت على أنها من علامات عالمية، تبين لاحقًا أنها مستوردة من الهند وبجودة تقنية ضعيفة لا تستجيب لمواصفات البث عالي الجودة، وهو ما فتح باب التساؤلات حول مصير الميزانيات الضخمة التي رُصدت لتحديث تجهيزات البث، والتي قاربت، حسب المعطيات المتوفرة، 45 مليار سنتيم.
وأضاف المصدر أن هاجس الجامعة لم يعد يقتصر على جودة الصورة والإخراج التلفزيوني، بل أصبح مرتبطًا بشكل مباشر بسمعة المغرب أمام الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف” والشركاء الدوليين، خصوصًا أن أي خلل تقني قد ينعكس سلبًا على صورة البلاد في واحدة من أكبر التظاهرات القارية.
وكشف المصدر نفسه أن الجامعة لم تتردد في اتخاذ قرار عملي وحاسم، تمثل في سحب الملف من يد تلفزيون فيصل العرايشي، وتولي الإشراف المباشر على عملية الإنتاج التلفزيوني. وفي ظرف وجيز، تم تكليف المخرج العالمي لوران لاشان، الذي سبق له الإشراف على إخراج نهائي كأس العالم، بقيادة إخراج مباريات “الكان”، إلى جانب الاستعانة بشركة AMP VISUAL، وتوسيع نطاق عمل شركة “ميديا برو” ليشمل مدينة مراكش، مع الاعتماد فقط على وحدات 4K الجديدة التابعة لـSNRT، ورفض باقي التجهيزات.
واعتبر المصدر أن هذا التحول يعني عمليًا أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أصبحت صاحبة القرار الأول في كل ما يتعلق بالبث التلفزيوني، في وقت تراجع فيه دور الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون إلى مستوى ثانوي، وهو ما لم يخلُ من تداعيات داخلية، حيث أثار التقرير التقني نقاشًا حادًا داخل المؤسسة العمومية، وأعاد إلى الواجهة أسئلة محرجة حول طرق التدبير والصفقات، من قبيل: من صادق على هذه الصفقات؟ وفق أي معايير؟ ولماذا تم اقتناء معدات غير معتمدة رغم توفر الميزانيات اللازمة؟ ومن يتحمل مسؤولية هدر عشرات المليارات؟
في المقابل، نفى مصدر جيد الاطلاع أن تكون الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة قد أُبعدت بشكل كامل عن إنتاج مباريات “الكان”، مؤكدًا أنها تتوفر على تجهيزات متطورة وبجودة بث عالمية، مستدلًا بتجارب سابقة نجحت فيها المؤسسة في تغطية تظاهرات دولية كبرى. كما أشار المصدر إلى أنه تم اختيار مخرجين مغاربة إلى جانب مخرجين وطاقم تقني فرنسي للإشراف على عملية الإخراج، في إطار مقاربة تشاركية.
ويبقى ملف إنتاج كأس إفريقيا للأمم مفتوحًا على أكثر من احتمال، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة، وسط ترقب كبير لمدى قدرة الجامعة على ضمان بث تلفزيوني يرقى إلى حجم تطلعات الجماهير المغربية والإفريقية.

إرسال تعليق